الشهرة اليوم بضاعة رخيصة، تستطيع الحصول عليها عبر أقرب الطرق وأيسرها، حسب الفئة التي تريد الانتشار وسطها تستطيع رسم خطتك السريعة.
فإن كنت ترغب أو تبحث أو تريد الانتشار في أوساط المراهقين، فما عليك سوى الضغط على أيقونة الكاميرا، ثم الاستخبال -إن جاز بناء الفعل- كأن تشعل النار في "شنبك"، أو تأكل بطريقة مقززة. المهم أن تستهبل، تستخف دمك!
كثير من الأشخاص والمؤسسات والمنتجات لم يكن يعرفها أحد قبل ثورة التواصل الاجتماعي السنوات القليلة الماضية. فجاءتها الفرصة على طبق إلكتروني يطوف بها البلاد طولها بعرضها. من الطرف إلى الطرف. في غضون دقائق معدودة، ودون مقابل أو حملة دعائية!
مفارقة: نحن من نصنع لهم الانتشار، ونحن من يدفع ثمن ذلك.
قبل أيام قام مركز اجتماعي مغمور بالإعلان عن دورة بعنوان "هل المرأة إنسان"، فتطوع البعض من عشّاق "الأكشن"، وأسهم في مهاجمة المركز، والتشهير به، فتحقق للمركز شهرة لا يحلم بها صاحبه؛ لو أنفق مبالغ طائلة!
ولو أن أول شخص شاهد الإعلان تجاهله؛ لما حدث كل هذا. والمجال عريض للقياس، من دشتي إلى إبراهيم عيسى. ومن التصريحات الغريبة إلى الأسماء الغريبة، وبعض الوعاظ المتشددين، والمذيعين والفنانين والمحامين والنقاد الرياضيين، والمنتجات والبضائع والمحلات، والروايات، والمقالات والمواقع والقنوات. كل هؤلاء نحن من يمنحهم الانتشار والذيوع دون سبب وجيه. وحين يشتهروا نتساءل باستغراب: "كيف اشتهروا"؟! ولو أننا مارسنا تجاههم التجاهل، وانصرفنا لما هو أهم، لما كانت مواقع التواصل مصدر إزعاج، وإشاعات، ومهاترات، ومزايدات.
تقول الحكمة -التي ينسبها البعض إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه- أميتوا الباطل بعدم ذكره، وقيل أميتوه بتجاهله، وقيل بنسيانه.