الإبداع لا يعرف حدوداً أو أجناساً فكما أبدع الرجل أبدعت المرأة لأن الإبداع ليس حكراً على أحد دون الآخر . ورجال المع زاخرة بالمبدعين رجالاً كانوا أو نساء فكم من ألمعي برز في مجال وكم من ألمعية برزت في مجال لا يتقنهُ إلا الألمعيات ألا وهو (القط) ، وهو عبارة عن خطوط وتشكيلات جمالية ونقوش ذات هندسية يقوم بعملها نساء متخصصات في هذا المجال وهذا الإبداع لم يتعلمنه الألمعيات في مدارس فنية راقية أو معاهد متخصصة ولكنه وحي الواقع الذي لمسنه بصفائه ونقائه وكدره وشقائه فكل لون كان يمثل إحساساً معيناً وكل شكل كان يرمز إلى شيْ وقر في النفوس واستقر في الأعماق فكما أن البيئة التي عشنهن قد إنعكست على حياتهن فإنهن حولنا ذلك إلى لوحات خالدة رسمت على جدران الزمن تلك اللوحات منها ما كان يرمز إلى تعلق الإنسان بربة وعبرت عنه بالمحاريب .
ومنها ما كان يرمز إلى مصدر رزقهن ورزق أولادهن وهي سنابل الحياة ، الحياة التي تزرع في السفوح الألمعية وقد استخدمت الألمعية في عمل هذه النقوش الألوان التي تستطيع تكوينها من خلال العناصر الموجودة في بيئتها فالأسود من الألوان الرئيسة التي لا غنى لها عنها وطريقة استخراجه والاستفادة منه تقوم على جمع الفحم ثم طحنه وإضافة الصمغ عليه حتى يصبح أكثر لمعاناً وجاهزاً للدهن ، واللون الأحمر أو ما يطلق عليه (الحسن) وطريقة الحصول على هذا اللون هو بجمع عدد من الأحجار حمراء اللون المختلفة المناسيب يضاف عليها شئ من المر والأرز المحمص ويطحن في مطاحن يدوية حتى تصبح أكثر دقة وجاهزية للإستعمال ، واللونان الأصفر والأزرق والأخضر كانت تأتي عن طريق عدد من التجار اللذين يجلبونها إلى بلدة رُجال ثم تؤخذ هذه الألوان التي تختلف في تكوينها وتطحن لتغيرها من الألوان ويضاف إليها مادة الصمغ ومن هنا تلاحظ أن الصمغ من المواد الأساسية في النقش الألمعي.
الأدوات المستخدمة :
نعم إن المرأة الألمعية كانت تستخدم مكونات الألوان الموجودة في بيئتها فإنها كذلك استخدمت أدوات وجدت بين يديها حولتها إلى ريشة رسام حاذق في صنعته ماهر في أدائه فقد أستخدمت المرأة الألمعية شعرة من ذيل الأغنام تحسنها بشكل يجعلها أشبة ما تكون بريشة الرسام ثم يلق عليها خيوط رفيعة تجعلها أكثر مناسبة الأصباغ الماهرة التي تُلف حولها ولا ننسى أن نذكر القضاض أحد المواد الرئيسة في دهن البيت الألمعي وكان يستخرج من جبال اشتهرت بوجوده في ثناياها ومنها جبل المرواح وجبل ثاه وقضاض جبل (مطار) في قرية الجرف وهو أفضلها ، أما عن طريقة تحضيرة فبعد جلبه ينقى ويطحن ثم يخمر في أدوات فخارية سابقاً كالحجل ثم يصفى الماء وبعد ذلك تطحن الرواسب المتبقية وتحمى في درجة حرارة معينة حتى تزداد تماسكاً فيما بعد تزين به الأسوار المعرضة لعوامل التعرية وبعد هذا تستطيع أن تقول أن المرأة الألمعية كانت أماً حنوناً وأمرأة عاملة وزوجة مثالية وأن نظرت إلى بيتها وجدتة دوحة وارفة الظلال لها ولزوجها ولأبنائها.
أشهر من عرف نقشهن
1. الشهيرة جحاحة بنت بريدي وتقول الوالدة فاطمة بنت علي ابو قحاص هذه لا يصل إلى دقتها ونقشها أحد، ولها بعض النقوش لا تزال في بعض القصور الموجودة في القرية مثل قصر الدرعية.
2. فاطمة بنت امسباع.
3. آمنة بنت محمد بن هادي وهي والدة فاطمة أبو قحاص.
4. شريفة بنت احمد وهي صاحبة فن مماثل للوالدة فاطمة وقد توفاها الله قبل قرابة عشر سنوات وكانت رافضة التجديد وكانت قليلة الرغبة في قوة اللون، وما كان من نقش في قصر رازح الا مثالاً مميزا لذلك.
5. فاطمة علي أبو قحاص وهي الرائدة الوحيدة لهذا الفن في وقتنا الحاضر القادرة على التجديد صاحبة الحضور الفني التلقائي المميز وهي التي تبدأ في التخطيط ثم تملي عليها الموهبة والحس الفني كل تفاصيل العمل وتقودها ذائقتها الفنية إلى إبداعات كثيرة تقول عنها ابنتها الوحيدة أنها لا تنفك ترسم وتخطط حتى في غير ساعات العمل عندما تجد ورقة وقلما.
واشهر النقوش موجودة في حصن رازح وفي قصر الدرعية وقصر حاكم وفي بيت آل الزهر في الخليس وفي عموم بيوت الأغنياء وعدد كثير من البيوت الحديثة بالمنطقة سراة وتهامة ، وقد عاود كثير من الناس في تزيين بيوتهم واستراحاتهم بمثل هذه النقوش .
المرو والنحت
كما ان للنساء عملهن المبدع من نقوش (القط) في داخل البيوت فإن للرجل دوراً مهماً أيضاً في تزيين البيوت من الخارج مع كثرة العناء والتعب في تزيين الشرفات والنوافذ والأبواب بالحجر الأبيض (المسمى المرو) ، وكذلك النجارة والنحت على الأبواب والنوافذ وحتىعلى عتباتها ، مما يضفى على هذه المنازل كل ذوق وفن من الداخل والخارج .